هنا نفسر ايات القران باشرح و بالمعنى كل اية حسب التفسير و هذا مثال سورة الحديد من الاية 1 الى 6
سورة الحديد
1 - 6
سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1) لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (2) هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (3) هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاء وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (4) لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ (5) يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (6)
المعنى
«سبح لله» أي نزهه و أثنى عليه بما هو أهله و برأه من كل سوء «ما في السماوات و الأرض» قال مقاتل يعني كل شيء من ذي الروح و غيره و كل خلق فيهما و لكن لا تفقهون تسبيحهم و تحقيقه أن العقلاء يسبحونه قولا و اعتقادا و لفظا و معنى و ما ليس بعاقل من سائر الحيوانات و الجمادات فتسبيحه ما فيه من الأدلة الدالة على وحدانيته و على الصفات التي باين بها جميع خلقه و ما فيه من الحجج على أنه لا يشبه خلقه و أن خلقه لا يشبهه فعبر سبحانه عن ذلك بالتسبيح و يجوز أن تكون ما هاهنا بمعنى من كما حكى أبو زيد عن أهل الحجاز أنهم كانوا إذا سمعوا الرعد قالوا سبحان ما سبحت له فيكون واقعا على العقلاء من الملائكة و الجن و الإنس «و هو العزيز الحكيم» أي القادر الذي لا يمتنع عليه شيء المحكم لأفعاله العليم بوجوه الصواب في التدبير «له ملك السماوات و الأرض» أي له التصرف في جميع ما في السماوات و الأرض من الموجودات بما يشاء من التصرف و ليس لأحد منعه منه و ذلك هو الملك الأعظم فإن كل ما يملكه من عداه فإنه سبحانه هو الذي ملكه إياه و له منعه منه «يحيي و يميت» أي يحيي الأموات للبعث و يميت الأحياء في الدنيا و قيل يحيي الأموات بأن يجعل النطفة و هي جماد حيوانا و يميت الأحياء إذا بلغوا آجالهم التي قدرها لهم «و هو على كل شيء قدير» يقدر على المعدومات بإيجادها و إنشائها و على الموجودات بتغييرها و إفنائها و على أفعال العباد و مقدوراتهم بالإقدار عليها و سلبهم القدرة عليها «هو الأول» أي أول الموجودات و تحقيقه أنه سابق لجميع الموجودات بما لا يتناهى من تقدير الأوقات لأنه قديم و ما عداه محدث و القديم يسبق المحدث بما لا يتناهى من تقدير الأوقات «و الآخر» بعد فناء كل شيء لأنه يفني الأجسام كلها و ما فيها من الأعراض و يبقى
وحده ففي هذا دلالة على فناء الأجسام و قيل الأول قبل كل شيء بلا ابتداء و الآخر بعد كل شيء بلا انتهاء فهو الكائن لم يزل و الباقي لا يزال «و الظاهر» و هو الغالب العالي على كل شيء فكل شيء دونه «و الباطن» العالم بكل شيء فلا أحد أعلم منه عن ابن عباس و قيل الظاهر بالأدلة و الشواهد و الباطن الخبير العالم بكل شيء و قيل معنى الظاهر و الباطن أنه العالم بما ظهر و العالم بما بطن و قيل الظاهر بأدلته و الباطن من إحساس خلقه و قيل الأول بلا ابتداء و الآخر بلا انتهاء و الظاهر بلا اقتراب و الباطن بلا احتجاب و قيل الأول ببره إذ هداك و الآخر بعفوه إذ قبل توبتك و الظاهر بإحسانه و توفيقه إذا أطعته و الباطن بستره إذا عصيته عن السدي و قيل الأول بالخلق و الآخر بالرزق و الظاهر بالإحياء و الباطن بالإماتة عن ابن عمر و قيل هو الذي أول الأول و أخر الآخر و أظهر الظاهر و أبطن الباطن عن الضحاك و قيل الأول بالأزلية و الآخر بالأبدية و الظاهر بالأحدية و الباطن بالصمدية عن أبي بكر الوراق و قيل إن الواوات مقحمة و المعنى هو الأول الآخر الظاهر و الباطن لأن كل من كان منا أولا لا يكون آخرا و من كان منا ظاهرا لا يكون باطنا عن عبد العزيز بن يحيى و قيل هو الأول القديم و الآخر الرحيم و الظاهر الحكيم و الباطن العليم عن يمان و قال البلخي هو كقول القائل فلان أول هذا الأمر و آخره و ظاهره و باطنه أي عليه يدور الأمر و به يتم «و هو بكل شيء» يصح أن يكون معلوما «عليم» لأنه عالم لذاته «هو الذي خلق السماوات و الأرض في ستة أيام» لما في ذلك من اعتبار الملائكة بظهور شيء بعد شيء من جهته و لما في الإخبار به من المصلحة للمكلفين و لو لا ذلك لكان يخلقهما في لحظة واحدة لأنه القادر لذاته «ثم استوى على العرش» المعروف في السماء و قيل استوى على الملك فمن قال بالأول قال استواؤه عليه كونه قادرا على خلقه و إفنائه و تصريفه قال البعيث:
ثم استوى بشر على العراق من غير سيف و دم مهراق
و بشر هذا هو بشر بن مروان ولاه أخوه عبد الملك العراق و قيل معناه ثم عمد و قصد إلى خلق العرش و قد مر بيانه «يعلم ما يلج في الأرض و ما يخرج منها» أي يعلم ما يدخل في الأرض و يستتر فيها و يعلم ما يخرج من الأرض من سائر أنواع النبات و الحيوان و الجماد لا يخفى عليه شيء منها «و ما ينزل من السماء و ما يعرج فيها» أي و يعلم ما ينزل من السماء من مطر و غير ذلك من أنواع ما ينزل منها و يعلم ما يعرج في السماء من الملائكة و ما يرفع إليها من أعمال الخلق «و هو معكم أينما كنتم» بالعلم الذي لا يخفى عليه شيء من أعمالكم و أحوالكم «و الله بما تعملون» من خير و شر «بصير» أي عليم «له ملك
السماوات و الأرض» يتصرف فيهما كيف يشاء «و إلى الله ترجع الأمور» يوم القيامة يعني أن جميع من ملكه شيئا في الدنيا يزول ملكه عنه و ينفرد سبحانه بالملك كما كان كذلك قبل أن خلق الخلق «يولج الليل في النهار و يولج النهار في الليل» أي يدخل ما نقص من الليل في النهار و ما نقص من النهار في الليل أي حسب ما دبره فيه من مصالح عباده عن عكرمة و إبراهيم «و هو عليم بذات الصدور» أي هو عالم بأسرار خلقه و ما يخفونه من الضمائر و الاعتقادات و الإرادات و الكراهات و العزائم في قلوبهم لا يخفى عليه شيء منها و في هذا تحذير من المعاصي.
ارجو ان يعجبكم هذا القسم